دوالي الخصية من الحالات المرضية الشائعة الحدوث عند معشر الرجال، وهي عبارة عن حدوث تضخم في وريد أو أكثر في كيس الصَّفَن، وتلك الدوالي تتشابه إلى حد كبير مع تلك التي تصيب أماكن أخرى من الجسم كدوالي الساقين وغيرها، وتكمن خطورة دوالي الخصية في تأثيرها السلبي على الخصوبة عند الرجال، حيث أوجدت الأبحاث أن دوالي الخصية تُقلل أعداد الحيوانات المنوية وتؤثر على جودتها، وفي حالات معينة يُمكن أن تتسبب دوالي الخصية في تصغير حجم الخصية وضمورها، بالإضافة إلى الآلام الناتجة عنها والشعور بعدم الراحة، ولذلك هي من الحالات المرضية التي لابد من التعامل معها بشكل جدي وذلك بسرعة التوجه للطبيب، فكلما كان التعامل معها في البداية كلما كان العلاج أنجح، وخاصة مع تقدم العلم وظهور تقنيات جديدة لعلاج دوالي الخصية دون جراحة أو مخاطر كانت معهودة في الماضي، ونتحدث هنا بشكل خاص عن استخدام الأشعة التداخلية في علاج دوالي الخصية بأمان تام، ولكن لنتعرف أولًا على ماهية دوالي الخصية وأعراضها وأسبابها، ومميزات علاجها بالأشعة التداخلية مقارنًة بالطرق الآخرى.

معلومات تهمك عن دوالي الخصية

دوالي الخصية لا تختلف كثيرًا عن أي دوالي موجودة في أي مكان آخر بالجسم، فهي ناتجة عن توسع في الأوردة، ولكن هنا مكان الأوردة هو كيس الصفن.

حيث تتكون دوالي الخصية نتيجة توسع في الأوردة الناقلة للدم، والتي تمتد من تجاويف البطن لنهاية الحبل المنوي المسئول عن نقل الحيوانات المنوية لداخل كيس الصفن الحامل للخصيتين.

وهو الأمر الذي ينتج عنه تجمع الدم وتكدسه حول الخصيتين، وبالتالي يترتب على ذلك تأثر حركة الحيوانات المنوية بالسلب وكذلك عددها.

دوالي الخصيتين في الغالب تتكون بدون أعراض، ولكن قد يشعر المريض بألم أو ثُقل عند الوقوف وكذلك الشعور بانتفاخ في كيس الصفن، مع ملاحظة أن الألم يقل مع الاستلقاء على الظهر.

كما وجدت الدراسات أن دوالي الخصية تصيب الرجال من الجهة اليسرى بنسبة 90% في مقابل 10% في الجهة اليمنى، والأوردة المُصابة يُطلق عليها “الضفيرة المحلاقية”.

الاحصائيات وجدت أن دوالي الخصية من الأمراض الشائعة عند الرجال وتصيب حوالي من 15 إلى 20% منهم بشكل عام، وتوجد كذلك عند حوالي 30% من الرجال ممن يعانون من اضطرابات في الخصوبة.

ولكن في الوقت ذاته السبب الدقيق وراء حدوث اضطراب الخصوبة الناتج عن دوالي الخصية غير معروفًا حتى الآن، ولكن طُرحت الكثير من التفسيرات المتعلقة بتلك الظاهرة.

منها احتمالية أن يتسبب الدم المتراكم حول الخصيتين لارتفاع درجة حرارتهما، أو تراكم مواد مُضرة تؤثر على حجم الخصة وانتاج الحيوانات المنوية.

فقد تتسبب الدوالي كذلك في حدوث اضطرابات في حجم الخصية لو ظهرت خلال مرحلة المراهقة، كما تؤدي إلى آلام وخلل في الخصوبة وغيرها من المشاكل.

مع تقدم سُبل علاج دوالي الخصية وبالأخص باستخدام الأشعة التداخلية حيث عالج هذا التخصص الكثير من حالات العُقم عند الرجال الناتجة عن دوالي الخصية.

أعراض دوالي الخصية وأسبابها وعوامل الخطر المتعلقة بها

في معظم الحالات لا ينتج عن دوالي الخصية أي أعراض، ولكن في بعض الأحيان ينتج عنها بعض الآلام التي تتراوح ما بين البسيط وصولًا للألم الحاد.

مع ملاحظة أن هذا الألم يزداد مع بذل مجهود أو الوقوف لفترة طويلة أو عند الجلوس، ويصل أوجه في الليل، ويخف عند الاستلقاء على الظهر.

مع مرور الوقت قد تتسبب دوالي الخصية في انتفاخ كيس الصفن وكذلك حدوث تورم بحيس تُصبح محسوسة ومرئية بشكل واضح.

أما عن أسباب دوالي الخصية فهي غير واضحة حتى الآن، ولكن معظم الباحثين يعوزون السبب إلى تضرر الصمامات الموجودة في الأوردة ووبالتالي رجوع الدم من الخصية للجسم مسببًا الاحتقان.

ونتيجة لهذا الاحتقان الوريدي تتوسع الأوردة فتحدث الدوالي، مع العلم أن حدوث دوالي الخصية ينتشر في مرحلة المراهقة بشكل خاص بنسبة كبيرة.

وبالتالي عوامل الخطر لحدوث تلك المشكلة الصحية يكون في الفترة العمرية ما بين 15 و25 عام، وخاصة في الجهة اليسرى وذلك لأن وريد الخصية اليسرى يكون متواجدًا بزاوية عمودية أكثر.

وذلك بالمقارنة مع الوريد الموجود في الجهة اليمني من الخصية والذي يتواجد بزاوية أكثر ميلًا تُسهل عليه نَزح الدم، ولكن بالرغم من ذلك وُجد أن دوالي الجهة اليسرى تؤثر كذلك على انتاج الحيوانات المنوية في الخصية اليمنى كذلك.

ولذلك لايمكن أبدًا الإهمال في علاج دوالي الخصية حيث لها الكثير من المضاعفات الخطيرة، أبرزها انكماش الخصية وضمورها، لأنها تتكون من سلسلة من الأنابيب لإنتاج الحيوانات المنوية.

وعندما يتأثر إنتاج الأنابيب يحدث إنكماش لتلك الأنابيب فيتضاءل حجم الخصية وتنكمش، وأرجع المختصين ذلك لتراكم المواد السامة حول الخصية نتيجة تراكم الدم وبالتالي التسبب في موت الخلايا.

وكذلك من مضاعفات دوالي الخصية الخطيرة التأثير السلبي على الخصوبة، حيث أنها تُقللها في البداية حتى تقضي عليها تمامًا.

وأوعز المختصين ذلك إلى ارتفاع درجة الحرارة خارج الخصية في كيس الصفن نتيجة بطء حركة الدم بسبب الدوالي، حيث أن درجة الحرارة المثالية لعمل خلايا الخصية هى 35 درجة مئوية.

وذلك هو السبب وراء وجود الخصيتين في كيس الصفن خارج الجسم، وبالتالي أي عامل يؤدى إلى ارتفاع درجة الحرارة حولهما يؤثر بالسلب على معدل إنتاجهما للحيوانات المنوية.

كيفية تشخيص دوالي الخصية ؟

يتوجه المريض للطبيب عندما يشعر بألم في كيس الصفن وثقل في الخصية أو تغير في شكلها، ويبدأ الطبيب لسؤال المريض عن مُعدل الخصوبة.

وكذلك يقوم بالفحص السريري وذلك عن طريق تحسس الخصية ووجود كتلة بها لا تسبب الألم عند لمسها، ويشبه لمسها كما جاء في المراجع الطبية بلمس كيسًا من الديدان.

ولكن في حال كانت دوالي الخصية صغيرة ولا يستطيع الطبيب الشعور بها عند لمسها، يطلب الطبيب من المريض برفع الضغط في البطن وهو نفس الفعل عندما يقوم بعملية الإخراج.

وتلك الحركة تسمي في المراجع الطبية يُطلق عليها مناورة فالسالفا (Valsalva maneuver)، والتي تُقلل الإرجاع الوريدي للأوعية الدموية، وبالتالي تكبر الدوالي فيتمكن الطبيب من تحسسها.

وفي حال كان الكشف السريري غير حاسمًا للطبيب، يُمكن الإستعانة بوسائل التصوير بالأشعة، التي تمنح الطبيب صورة شاملة عن الخصية ومعرفة السبب بالتحديد.

علاج دوالي الخصية بالأشعة التداخلية

هناك حالات من دوالى الخصية لا تتطلب العلاج في حال كانت لا تتسبب الألم، ولكن الحالات التى ينتج عنها ألم أو تغير في حجم الخصية أو اضطرابات في الخصوبة لابد من الذهاب فورًا للطبيب.

حيث يقوم فكرة علاج دوالى الخصية بشكل عام على القيام بجراحة تهدف إلى سد الوريد المُصاب عن طريق ربطه وإرجاع تدفق الدم في اتجاهه الصحيح.

وكانت لتلك الجراحة الكثير من السلبيات أبرزها القيام بشق جراحي في منطقة الفخذ أو كيس الصفن، مع التخدير الكلي واحتياج المريض لفترة نقاهة طويلة.

ولكن كل ذلك أصبح من الماضي مع علاج دوالي الخصية عن طريق الأشعة التداخلية، التي تعتبر أحدث ما توصل له العلم في علاج دوالي الخصية بدون جراحة وبدون ألم.

يتم العلاج عن طريق القسطرة الوريدية، وذلك عن طريق عمل فتحة صغيرة في الفخذ أو الرقبة أو الذراع، وإدخال فيها القسطرة وتوجيهها تحت الأشعة التليفزيونية.

وقبل نقطة اتصال الوريد المُصاب بالوريد الرئيسي يتم غلقه إما بمادة صمغية أو بملفات حلزونية معدنية، فيعود الدم للسير في اتجاهه الصحيح.

تلك العملية تتم بالكامل تحت المُخدر الموضعي مع العلم أنه يتم علاج الجانب الأيمن والأيسر للخصيتين من نفس الفتحة، وبعد ساعة يمكن للمريض لممارسة حياته الطبيعية بشكل طبيعي.

أبرز مميزات علاج دوالي الخصية بالأشعة التداخلية

الأشعة التداخلية تلافي المضاعفات الخطيرة التي قد تنتج عن الجراحات التقليدية والتي قد تتطلب شق كيس الصفن.

تتم العملية بعمل فتحة صغيرة لا يتعدى قطرها 2 مللي، ومن خلالها يتم علاج دوالي الخصيتين اليمنى واليسرى، أما الجراحة تتطلب عمل فتحة لكل جانب.

العملية عن طريق الأشعة التداخلية المُخدر الموضعي يفي بالغرض، أما في الجراحة العادية كانت تتطلب التخدير الكلي، والمعروف عنه تسببه في الكثير من المشاكل خاصة لكبار السن.

القسطرة الوريدية لا يوجد لها أي مضاعفات أو أضرار تُذكر، وتحتاج لفترة نقاهة قصيرة، حيث يستطيع المريض مغادرة المستشفى في خلال 24 ساعة.