الجراحة بالشكل التقليدي والمُتعارف عليه تتطلب قيام الطبيب الجراح بعمل شِق جراحي للوصول إلى المشكلة وعلاجها، وهو الأمر الذي يترتب عليه الكثير من المخاطر والآلام واحتمالية حدوث مضاعفات بالإضافة إلى احتياج المريض لفترة نقاهة طويلة ليعود لحياته الطبيعية مرة أخرى، ولكن كل ذلك أصبح من الماضي الآن مع التوصل إلى تقنيات علمية حديثة استطاعت فرض نفسها وبقوة كبديل الجراحة التقليدية، ألا وهي تقنيات الأشعة التداخلية التي استطاعت التغلب على كل عيوب الجراحة العادية وعلاج الكثير من الأمراض الخطيرة بأمان تام ودون أي مخاطر أو مضاعفات، الأمر الذي جعل الأشعة التداخلية هي مستقبل الجراحة في مصر، ولذلك سنتعرف على ماهية الأشعة التداخلية ومميزاتها وكيفية عملها كبديل الجراحة بالشكل التقليدي بصورة أفضل وأكثر أمانًا وأبرز المشاكل الصحية التي يقوم تخصص الأشعة التداخلية بعلاجها.

الأشعة التداخلية بديلًا عن الجراحة التقليدية

قبل التعرف على كيفية عمل الأشعة التداخلية كبديلًا عن الجراحة التقليدية، لابد أولًا من معرفة فكرة عمل الأشعة التداخلية بشكل مُبسط.

الأشعة التداخلية عبارة عن تقنية طبية حديثة ودقيقة تقوم على تصوير جسم الإنسان بشكل مُستمر كالبث المباشر، وذلك عن طريق أجهزة الأشعة والتصوير الطبي.

والهدف من أجهزة الأشعة والتصوير الطبي مثل الأشعة السينية أو المقطعية أو الموجات الفوق صوتية ليس التشخيص، ولكن نقل المشكلة للطبيب لعلاجها.

يقوم الطبيب بعد ذلك بإجراء فتحة صغيرة في جسم الإنسان وإدخال مُعدات دقيقة جدًا، وتوجيهها بحيث تصل إلى مكان المشكلة أو الورم لعلاجها.

وبالتالي تقوم الأشعة التداخلية على علاج المشاكل الصحية بدون الحاجة إلى عمل أي شِق جراحي كذلك المعتاد عمله في الجراحة التقليدية.

مميزات عمليات الأشعة التداخلية عن الجراحة التقليدية

العلاج بتقنيات الأشعة التداخلية له الكثير من المميزات عن الجراحة التقليدية، وأبرزها بالطبع أنها أكثر أمانًا وأقل ألمًا مع فترة نقاهة أقل حيث يستطيع المريض الرجوع لحياته الطبيعية سريعًا.

الجراحة التقليدية تتسبب في جرح كبير ينتج عنه الكثير من الآلام ويمكن أن تتسبب في مضاعفات خطيرة وكذلك تحتاج إلى فترة نقاهة طويلة.

من مميزات تقنية الأشعة التداخلية كذلك أنها لا تحتاج إلى تخدير كلي إلا في حالات نادرة ولكن يمكن استخدام التخدير الموضعي وهو ما لا تُحققه الجراحة بالشكل التقليدي.

وتلك الميزة تناسب الكثير من الحالات المرضية التي تواجه مشاكل مع التخدير الكلي، مثل حالات كبار السن وأورام الرئة إلخ.

كل ما يتطلبه الأمر لعمل عمليات الأشعة التداخلية قيام الطبيب بعمل جرح صغير لا يتعدى 2 ملليمترًا، ثم إدخال المعدات الطبية الدقيقة للوصول إلى المشكلة وعلاجها.

وبالتالي لا تسبب أي آلام كتلك التي تحدث مع الجراحة التقليدية، حيث يكون المريض واعيًا خلال العملية ولكن يتم إعطاؤه بعض المسكنات والمهدئات ليسترخي خلال العملية.

وبالتالي يمكن تلخيص مميزات عمليات الأشعة التداخلية عن غيرها من عمليات الجراحة التقليدية، ألم أقل، فتحتات جراحية أصغر، نسب أمان أعلى، تعود لأسرتك أسرع. 

أشهر عمليات الأشعة التداخلية بدون الجراحة

تخصص الأشعة التداخلية أثبت نفسه وبجدارة في علاج الكثير من المشاكل الصحية أبرزها علاج أورام الكبد وأورام الكبد الليفية ودوالي الخصية ودوالي الساقين وغيرهم بدون الجراحة .

1- كيفية علاج دوالي الساقين بدون الجراحة باستخدام الأشعة التداخلية

دوالي الساقين عبارة عن مجموعة من الأوردة المتمددة وتحدث نتيجة لضعفها ووجود ارتجاع في الصمامات في الأوردة السطحية والعميقة، وبالتالي يسير الدم في عكس اتجاهه الطبيعي.

وتتلخص مشاكل دوالي الساقين في التشوهات التي تتركها في شكل الساق وكذلك احتمالية التسبب في جلطات والتهابات في الأوردة

يتم تشخيص دوالي الساقين عن طريق الكشف الإكلينيكي عن طريق فحص الدوبلر التي يوضحها بشكل دقيق ويعتمد العلاجبشكل كبير على نتيجة هذا الفحص.

علاج دوالي الساقين باستخدام الأشعة التداخلية يتم عن طريق تقنية الليزر في عملية سريعة دون الجراحة وذلك بإعطاء المريض مخدر موضعي تحت الجلد على طول الأوردة المصابة.

ثم يتم إدخال قسطرة الليزر في الوريد الرئيسي المصاب من خلال فتحة لا تتعدى 3 مم تحت أو أسفل الركبة، حتى تصل إلى ما قبل اتصاله بالأوردة العميقة لتقوم القسطرة بغلق الوريد المصاب والدوالي المرتبطة به.

يتم إخراج قسطرة الليزر من نفس الفتحة التي دخلت منها، ويقوم المريض بعد ذلك ليسير بشكل طبيعي وممارسة حياته بعد العملية مباشرة. 

2- علاج دوالي الخصية بالأشعة التداخلية بدون الجراحة

دوالي الخصية من الحالات المرضية الشائعة بين معشر الرجال وتحدث لعدة أسباب أبرزها، توسع الأوردة الدموية عن المستويات الطبيعية، حدوث إلتهابات في وريد الخصية، عيب خلقي إلخ.

ولكن بالأخير ومهما كان السبب ينتج عن دوالي الخصية الكثير من الآلام وتورم منطقة الصفن وغيرها من الأعراض المُزعجة ولذلك لابد من علاجها.

وعلاج دوالي الخصية أصبح أكثر بساطة بعيدًا عن مخاطر الجراحة وذلك باستخدام الأشعة التداخلية وذلك عن طريق حقن الوريد المُصاب بالقسطرة.

والذي يتم حقنه بمواد معينة لغلق هذا الوريد المُسبب للدوالي، إما بالملفات الحلزونية المعدنية أو حقن مادة صمغية، والعملية تتم تحت تأثير التخدير الموضعي.

أما في السابق كان يقوم أطباء المسالك البولية بربط الوريد المُصاب عن طريق الجراحة وذلك بإحداث شق جراحي من منطقة أعلى الفخذ وكانت تلك العملية تحتاج إلى تخدير عام وكانت لها بعض المضاعفات.

3- علاج الأورام الليفية بالأشعة التداخلية بدون الجراحة

أورام الرحم متعددة فهناك أورام الرحم الخبيثة وهناك الحميدة وهي الأكثر انتشارًا، حيث وجدت الدراسات أن الأورام الليفية تُصيب أكثر من 40% من النساء ما بين سن 30 و50.

هناك عدة أعراض خطيرة مرتبطة بوجود الأورام الليفية في الرحم، أبرزها النزيف وآلام أسفل البطن وآلام الظهر، وتضخم حجم البطن، بالإضافة إلى منع الحمل والإجهاض.

يتم الكشف عن الأورام الليفية بالكشف الطبيعي عند طبيب النساء والتوليد، وذلك عن طريق الكشف بالموجات الصوتية الذي يكون إما بمجس الموجات الصوتية على البطن، أو مجس السونار المهبلي.

أما الطريقة الأفضل والأدق الكشف عن الأورام الليفية باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي، وهناك الأشعة بالصبغة، وكذلك التنظير الرحمي.

قديمًا كانت تستخدم الجراحة في علاج الأورام الليفية وكان لذلك الكثير من المخاطر مثل النزيف وكذلك يُمكن أن تستلزم الحالة  اللجوء إلى استئصال الرحم بالكامل.

ولكن مع الأشعة التداخلية أصبح علاج الأورام الليفية أكثر سهولة، وذلك باستخدام قسطرة الرحم التي يتم إدخالها للرحم عن طريق فتحة صغيرة.

حيث يتم توجيهها لتصل إلى الشريان المُغذي للورم الليفي وغلقه عن طريق حُبيبات طبية فينقطع الغذاء والأكسجين عن الورم الليفي ليضمر بالنهاية.

4- علاج أورام الكبد السرطانية بالأشعة التداخلية بدون الجراحة

أورام الكبد السرطانية من أكثر أسباب الوفاة في مصر والوطن العربي وخاصة مع حالات الإصابة بتليف الكبد المُتسبب فيه فيروس سي.

وبالرغم من خطورة تلك الأورام إلا أنها يمكن علاجها بسهولة وذلك في حال اكتشافها مبكرًا، وذلك عن طريق المتابعة الدورية للمريض كل 3 أو 4 شهور.

الأشعة التداخلية تقدم الكثير من الخيارات الهامة لمريض أورام الكبد، وهناك الكثير من طرق العلاج التي تعتمد على عدد الأورام وحجمها ومكانها في الكبد إلخ.

ومن طرق علاج الأشعة التداخلية لأورام الكبد كبديلًا عن الجراحة التقليدية، الكي بالتردد الحراري، أو الحقن الكيماوي أو حقن مادة مُشعة.

وأخيرًا كل ما سبق ما هو إلا جزء من كل، من التخصصات المَرضيّة التي تستطيع الأشعة التداخلية علاجها كبديلًا عن الجراحة التقليدية ومخاطرها المعروفة.