مع تطور العلم الحديث ظهر مُصطلحًا طبيًا يسمي الأشعة التداخلية Interventional Radiology، وفرض نفسه بقوة في الأوساط الطبية والعلاجية وخاصة في مصر، وذلك لأن العلاج بالأشعة التداخلية فتح بابًا من الأمال للكثير من المرضي لعلاج أخطر الأمراض دون جراحة أو ألم أو مخاطر، لن نبالغ إذا قُلنا أن الأشعة التداخلية هي مستقبل علاج الأمراض في مصر خلال الفترة المُقبلة، على الرغم من أن تخصص الأشعة التداخلية تخصص غاية في الدقة ويحتاج إلى أجهزة متطورة وتقنيات حديثة إلا أن مردوده أكثر من ممتاز في علاج الكثير من الأمراض الخطيرة وأبرزها علاج الأورام الحميدة والخبيثة وأمراض الشرايين والأوعية الدموية وتضخم البروستاتا والسمنة وغيرها كل ذلك بعيدًا عن مخاطر الجراحة، كل شئ عن تخصص الأشعة التداخلية وكيفية عمله ومميزاته وتكاليفه من خلال السطور التالية.

ما هى منظومة الأشعة التداخلية ؟

تقوم منظومة عمل الأشعة التداخلية، على أكثر من ركن أساسي،  أولًا أجهزة الأشعة التشخيصية المتطورة وأشهرها الأشعة المقطعية والموجات الصوتية.

كما تقوم الأشعة التداخلية، بالإضافة لذلك على وجود أدوات دقيقة مثل القساطر الوريدية والشريانية، وكذلك مجسات التردد الحراري والميكروييف.

والأهم بالتأكيد مع كل ما سبق العنصر البشري، وهو عبارة عن الفريق الطبي الذي يطوّع تلك الأدوات والأجهزة خلال العمليات للوصول إلى أفضل النتائج باستخدام تقنية الأشعة التداخلية الحديثة.

فكرة عمل الأشعة التداخلية، بشكل مُبسط عبارة عن تصوير جسم الإنسان بأحد أجهزة الأشعة بشكل مستمر، ثم الدخول إلى جسم الإنسان.

وهذا الدخول يتم عن طريق الأدوات الدقيقة كالقساطر أو المجسات الحرارية وذلك عن طريق الأوردة أو الشرايين أو داخل أحد الأعضاء كالكبد مثلًا.

حيث يُخول التصوير المُستمر لجسم الإنسان ودخول الأدوات الدقيقة المُستخدمة أيًا كان نوعها بالملاحة داخل الجسم، للوصول إلى الهدف سواءًا كان ورمًا أو تشوهًا شريانيًا أو أي شئ آخر.

 

مميزات عمليات الأشعة التداخلية والمشاكل القادرة على علاجها

أغلب عمليات الأشعة التداخلية، تتم عن طريق إجراء فتحات صغيرة جدًا في الجسم، ليستطيع الطبيب المختص في مجال الأشعة التداخلية إدخال المعدات الطبية الدقيقة للوصول إلى مكان المُشكلة الطبية وعلاجها.

وذلك عن طريق تصوير الجسم بشكل مستمر بشكل مُشابهًا للتصوير التليفزيوني المباشر، ومن خلال ما يراه الطبيب المُختص بتوجه المُعدة سواء كانت قسطرة أو غيرها لعلاج المشكلة دون الحاجة إلى التدخل الجراحي.

وبالتالي من أهم مميزات عمليات الأشعة التداخلية، أنها أكثر أمانًا على صحة المريض وأقل خطرًا من الجراحات العادية وليس لها أي مُضاعفات خطيرة.

حيث من خلالها لا يقوم الطبيب بعمل شِق جراحي كالعمليات الجراحية التقليدية، بل فقط يقوم بعمل فتحة لا تتعدى 2 ملليمترًا لإدخال المعدات الطبية الدقيقة المُستخدمة في العملية.

كذلك أغلب جراحات الأشعة التداخلية تتم تحت التخدير المُوضعي، وهو الأمر الذي يُعتبر ميزة كبرى لبعض الحالات المرضية وكذلك كبار السن.

حيث هناك بعض الحالات المرضية لا يحتملون إجراء الجراحة لأسباب تخديرية، وأبرزهم مرضى أورام الرئة الثانوية وبالتالي يكون الخيار الأمثل لهم إجراء عمليات الأشعة التداخلية .

كما أن عمليات الأشعة التداخلية من مميزاتها أن فترة النقاهة الخاصة بها قصيرة جدًا، حيث يُمكن للمريض الذي أجراها أن يستعيد نشاطه خلال فترة وجيزة.

عمليات الأشعة التداخلية أثبتت نفسها وبقوة في علاج الكثير من المشاكل الصحية، أبرزها دوالي الساقين والخصية وتضخم البروستاتا وانسدادات الأوعية الدموية والأورام الليفية الرحمية وغيرهم الكثير.

الفرق بين عمليات الأشعة التداخلية والعمليات الجراحية التقليدية

خلال العملية الجراحية التقليدية يقوم الطبيب الجراح بفتح شق جراحي في جسم الإنسان ليتمكن من رؤية المشكلة المرضية واستئصالها إذا تطلبت الحالة ذلك.

ثم بعد ذلك يقوم الطبيب الجراح بغلق هذا الجرح أو الشق بمجموعة من الغرز الجراحية وهذا لا يحدث نهائيًا في عمليات الأشعة التداخلية الحديثة.

حيث كل ما يتطلبه الأمر من قِبل الطبيب الاستشاري هو رؤية المشكلة الطبية عن طريق أجهزة الأشعة والتصوير الطبي الحديثة، ثم بدء التعامل معها.

وهذا التعامل يكون عن طريق إدخال معدات طبية دقيقة إلى داخل جسم الإنسان عن طريق فتحات دقيقة لا يتعدى قطرها 2 مللمترًا، وتوجيه تلك المعدات إلى المشكلة وعلاجها.

وبالتالي عمليات الأشعة التداخلية لا تحتاج إلى إجراء أي جرح أو شق بجسم الإنسان وبالتالي تكون أكثر أمانًا بالمقارنة بالجراحات التقليدية.

ما هي عمليات الأشعة التداخلية وأين تتم وكم تستغرق من الوقت ؟

في حال اختلط عليك الأمر في التفرقة بين تخصص الأشعة التشخيصية وتخصص الأشعة التداخلية، ننوه أن الأول دوره يقتصر على كونه أساليب تصوير لتشخيص الأمراض.

أما تخصص الأشعة التداخلية عبارة عن أجهزة للرؤية لتُمكن الطبيب من رؤية المشكلة وتوجيهه لها وبالتالي علاجها وليس تشخيصها.

ومما سبق نكون قد علمنا أن عمليات الأشعة التداخلية، أمنة وبسيطة فهناك بعض العمليات يمكن إجراؤها في غرف عادية مثل غرف الكشف مع وجود جهاز السونار.

وهناك بعض عمليات الأشعة التداخلية، تحتاج إلى غرفة عمليات كبيرة بتجهيزات كاملة ونظام تعقيم كامل وهو ما يوجد في في مركز دار الخبرة.

أما عن قائمة عمليات الأشعة التداخلية، فأبرزها، عمليات علاج أورام الرحم وعمليات علاج تضخم البروستاتا، وعلاج أورام الكبد بالتردد الحراري.

وكذلك عمليات الحقن الشرياني للعلاج الكيميائي لأورام الكبد عن طريق القسطرة، وعمليات تركيب دعامات المرئ، وعلاج دوالي الساقين بالليزر والتردد الحراري.

وعمليات علاج تضخم الطحال، وعلاج دوالي الخصية، وعمليات تركيب أنبوب تغذية للمعدة عن طريق الجلد، وعمليات علاج الانسداد المراري، وعمليات التوسيع الشرياني وتركيب الدعامات الطبية وعمل الأشعة بالصبغة وغيرهم.

أما عن المدة التي تستغرقها عملية الأشعة التداخلية، فهذا السؤال يَصعب الرد عليه حيث يتوقف على عدة عوامل هي نوع العملية ومكانها وسن المريض ومدى مهارة الطبيب.

ولكن في الأغلب عمليات الأشعة التداخلية البسيطة تستغرق من 15 إلى 30 دقيقة، أما العمليات الكبيرة قد تستغرق من 2 إلى 4 ساعات.

أما عن شق التخدير فكما ذكرنا عمليات الأشعة التداخلية، لا تتطلب التخدير الكلي إلا في حالات نادرة جدًا، ولكن في الغالب يُستخدم التخدير الموضعي مع إعطاء المريض بعض المُسكنات ليسترخي خلال إجراء العملية.

بعد إتمام العملية في الغالب يُمكن للمريض أن يخرج في نفس اليوم من المستشفي، أو في حالات أخرى قد يتطلب الأمر المبيت يومًا ثم الخروج في اليوم التالي كحالات علاج الأورام الليفية.

الأشعة التداخلية وعلاج الأورام

تستخدم عمليات الأشعة التداخلية في علاج الأورام الخبيثة كأورام الكبد وبعض الاورام الثانوية في الكبد والرئة، وكذلك الأورام الليفية في الرحم وبعض أورام العظام.

الأشعة التداخلية تمنح مريض الأورام الكثير من البدائل، حيث تمنحه الكثير من التقنيات التي تعمل تمهيدًا للجراحة أو في بعض الأحيان كبديلًا عن الجراحة.

وتلك التقنيات هي كي الاورام بواسطة التردد الحراري والميكروييف أو تقنيات القساطر الشريانية لحقن الشريان المغذي للورم بعلاج كيماوي أو إشعاعي.

كما توفر تقنية الأشعة التداخلية فرصة عظيمة للعلاج وذلك عن طريق استخدامها في أخذ عينة من الاورام التي توجد في أماكن صعبة لتحليلها ومعرفة نوعها ومدى استجابتها للعلاج، كل ذلك دون تخدير كلي أو جراحة.